منذ مأساة مركب بيلوس الذي كان يحمل مئات اللاجئين/ات والمهاجرين/ات في البحر الأبيض المتوسط في 14 يونيو، ويمثل غرق المركب أحد أخطر حوادث غرق السفن في المنطقة منذ ما يقرب من عقد من الزمن. بحسب شهادات الناجين وأهالي الضحايا كان القارب، المسمى “أدريانا”، يحمل ما يصل إلى 750 شخصًا ينحدرون من مصر سوريا وأفغانستان وباكستان. وبينما تم العثور على 104 ناجين فقط على قيد الحياة، فقد سلط الحادث المأساوي الضوء مرة أخرى على الرحلة المروعة والدعم غير الكافي الذي يواجهه المهاجرون واللاجئون المستضعفون.
كانت منطقة البحث والإنقاذ اليونانية (SAR) هي موقع هذه الكارثة، التي وقعت على بعد حوالي 80 كيلومترًا قبالة ساحل بيلوس. ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح اليوم، مع ظهور روايات متضاربة حول الأحداث التي أدت إلى انقلاب السفينة. وبينما نأى خفر السواحل اليوناني بنفسه بسرعة عن أي مسؤولية، اعترض الناجون على روايتهم للأحداث. ووفقا للناجين، فإن محاولات خفر السواحل لقطر السفينة أدت في الواقع إلى انقلابها المأساوي.
أثار التحقيق التعاوني الذي أجراه Forensis و The Guardian والمجلس اليوناني للاجئين وAlarm Phone وSolomon وSTRG_F (ARD/FUNK) تساؤلات جدية حول تعامل خفر السواحل مع الموقف. وتشمل الادعاءات محاولات التلاعب بالأدلة، وإسكات شهادات الشهود، وتجاهل عروض المساعدة المقدمة من فرونتكس، وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية. تشير هذه الاكتشافات إلى نمط أوسع من سوء السلوك من قبل خفر السواحل اليوناني، مع إثارة مخاوف أيضًا بشأن تورطهم في عمليات صد اللاجئين/ات والمهاجرين/ات.
واجه الناجون، بمجرد انتشالهم من المياه، محنة جديدة: فقد صنفتهم السلطات اليونانية على أنهم “وافدون غير نظاميين”، وقد تم احتجاز هؤلاء الأفراد المصابين بصدمات نفسية في مستودع في ميناء كالاماتا. وشجبت تقارير المراقبين الظروف ووصفتها بأنها مؤسفة، حيث أُجبر الناجون على تسليم هواتفهم المحمولة عند وصولهم. وأجبر المعتقلون على النوم على مراتب متناثرة على الأرض، وحتى الاجتماعات مع أفراد الأسرة المعنيين كانت مقيدة، وهو ما يتضح في الصور المؤلمة للقاءات العاطفية عبر القضبان الشبيهة بالسجن.
وفي وقت لاحق، تم نقل العديد من الناجين إلى مركز مالاكاسا للاستقبال وتحديد الهوية (RIC) خارج أثينا، وهو مرفق تعرض للانتقاد لعدم كفايته في تلبية احتياجات الناجين الذين عانوا من أحداث مؤلمة. ويفرض المرفق، المصمم للسكن المؤقت أثناء إجراءات الاستقبال وتحديد الهوية، قيودًا صارمة على الحركة، ويعمل بشكل فعال كمركز احتجاز. وقد أثار هذا مخاوف قانونية وأخلاقية بشأن انتهاك قوانين اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى الصعوبات الجسدية، كافح الناجون للحفاظ على التواصل مع أحبائهم بسبب هواتفهم المصادرة أو المفقودة. ويشير المنتقدون إلى أن المحتجزين لم يحصلوا على الدعم النفسي الكافي، وحتى المشاورات القانونية الأساسية تم التعجيل بها بسبب الإجراءات المبتورة، مما قد يؤثر على جودة طلبات اللجوء الخاصة بهم.
لم يسلط هذا الحادث المأساوي الضوء على المخاطر التي يواجهها المهاجرون واللاجئون الباحثون عن الأمان فحسب، بل لفت الانتباه أيضًا إلى عدم وجود آليات دعم مناسبة لطالبي اللجوء المستضعفين في اليونان. وقد أدى إنهاء خطط الإسكان للاجئين الضعفاء، إلى جانب نقل الوافدين إلى المخيمات، إلى مزيد من الصدمة والضيق. وبينما يتصارع المجتمع الدولي مع هذا الواقع المرير، يناشد المدافعون عن حقوق الأشخاص المتنقلين إلى اتخاذ تدابير أكثر قوة لحماية حقوق وكرامة المهاجرين/ات واللاجئين/ات، ويحثون الحكومات على ضمان المعاملة الإنسانية وأنظمة الدعم الشاملة.